vendredi 16 mars 2018

جدران مدينتنا و اللامعقول/اللاإنساني الذي اذا استفحل أنتج المهزلة

جدران  مدينتنا و اللامعقول/اللاإنساني الذي اذا استفحل أنتج المهزلة

الصور لاحقا
منذ ما قبل 2011 لاحظنا ميلا الى حل مشكل قطاع الدعاية المصطنع بافراط و بلا حاجة فعلية عن طريق الاكثار من النسخ الملصقة على الجدران من الاعلان الواحد (نزعة الاكثار من العناصر الغرافيكية و الالوان تدل على ذلك. الهدف ملصقة تباع اغلى و ان كان القارئ يتعب من مطالعتها). ويلاحظ هذا خصوصا بالنسبة للاعلانات الثقافية و الفنية عكس المتوقع .  و يصل الامر الى حد تعليق حوالي عشرين نسخة في مجموعات متقاربة على مسافات قصيرة. و بديهي ان ذلك ينجر عنه فضلات و يمس المظهر العام للشارع. في حين تحضى ملصقة تعلن عن ايام صحية بمعلقة واحدة تختفي وسط كل ذلك. مثال هذا الاعلان عن معرض كتب عرضت فيه كتب ضعيفة المحتوى الشهر الماضي. انظر الصورة الموالية.






ايضا من العناصر الفنية الراهنة منذ مابعد 2011 و التي تقدم كعلامة تجديد و تقدم و ابداع نجد الجداريات. حتى ان عنصرا هاما من مكونات المهرجانات الثقافية الحكومية و الخاصة ببعض المنظمات الجماهيرية يتمثل في الاعلان عن رسم "جداريات " ثم نرى شبانا يرسمون على الجدار على ايقاع طبل و مزمار !! لكن قبل هذه الظاهرة هناك ظاهرة اخرى سبقتها منذ 2008 هي كتابات سوداء على الجدران بعضها يحمل احرفا غريبة و بعضها مفهوم مثلا rbat07 ( الربض السابع. و الربض هو منطقة مهمشة تتصف بكثرة الردم و الفضلات و اقتلاع العناصر الطبيعية الخضراء.و بالفعل حاليا نلاحظ تحول ضاحيات المدينة الى هذا المنظر باجبار الناس على التسييج المزري و السكوت عن الفضلات....) . لكن هناك كتابات اخرى توحي بموقف سياسي او اعلانات بيع مشكوك فيها و شعارات شيطانية . و بعضها ظهر ردا على كتابات سبقتها في اطار اشغال عامة غير محكمة كما راينا في مقال سابق . الهدر المالي. بالفرنسية)
المشكل انه على جدراننا ايضا وجدنا شيئا آخر مثيرا للتقزز تحدثنا عنه ايضا في مقال سابق. بعض الاشخاص المجهولين يتغوطون على جانب الطريق العام على جدار دون سبب واضح و في موضع مكشوف، و فيةكل مرة الغائط مائع مما يدل على احتمال وجود اسهال ربما يكون مرضيا و معديا و غالبا في حالتنا هذه لا لعدة قرائن معاشة يطول شرحها. أحدها ان الموجة الاخيرة من هذه الظاهرة لم تلاحظ في الزوايا المنعزلةو المقفرة من الانهج !!! فالصورة الموالية في اريانة كلم 1 وسط منطقة سكنية مطروقة.


و فيما بعد لاحظنا ذلك على جانب طريق المهدية كلم 5. ثم مؤخرا في نهج فرعي وسط منطقة سكنية عريقة في طريق المهدية كلم 4 (الصورة الموالية). ويمكن تحديد رابط ببن الموضعين: القرب من سلسلة حظائر بناء ترتكب عدة اخلالات من اهمها عدم مراعاة التناسب بين المبني و الابيض و التعدي على حديقة و ايواء العملة في الموقع و دون توفير مرافق الصحة و الغائط المائع على الجدران منذ 2009 تقريبا. انظر مثلا الصورة الموالية الملتقطة في مأوى السيارات في باب الجبلي. هنا يبدو الغائط اصفر اللون مع وجود افرازات ماطاطية خاثرة و كثيرة مما يدل على اصابة معوية جرثومية او ربما طفيلية متقدمة. و رغم ملاحظة وجود حالة عرض متشردة مصابة بالاسهال في حالة غيبوبة في الاستعجالي في 08 و ظهور مشرد ملوث بالاسهال وسط المدينة في 13 يبدو ان الاطراف الرسمبة و الاجتماعبة لا تدرك خطورة الوضع و يثبت ذلك امران. اولهما هو ان الانشطة الطبية الموجهة للعموم لم تظهر الا مؤخرا في شكل نشاط شبابي او طلابي محدود زمنيا و مكانيا قد يكون غرضه الدعاية للمعدات الطبية. و يتعلق حصريا بامراض وظيفية مزمنة مثل السكر. و ثانيهما ان مختلف الاطراف الاجتماعية و السياسية تشترط للحوار او المشاركة السياسية شروطا لا تتضمن الانكباب اولويا على المسائل العاجلة و الافات. كما انها تدعو للحوار و المشورة اطرافا غير معروفة باهتمامها بمعالجة هذه المسائل . بل تتعلق بها احتمالات تقصير راهنا. و تاريخيا معطيات انخراط في ما يكرس هذه المخاطر بدءا من الانتهاكات اليومية وصولا الى السياسات الاقتصادية التي ظاهرها الاصلاح و التحرر و حقيقتها تكبيل و احتكار الرصيد النقدي للبلاد و تفقير اغلببة المواطنين الذين يضحون بالهاجس الصحي من اجل الغذاء و التعليم.
ختاما نتساءل:
هل يمكن حاليا الحديث عن اجهزة فعالة للدفاع عن حقوق الانسان لا تقبم مخابر للملاحظة و التحليل الببولوجي لهذه الظواهر ؟ هل اذا تأخرت الجهات الصحية وجب على المواطن تاجيل هذه المسائل الى اجل غير محدد؟
اي تفوق يكمن في جمهورية لا تستطيع ان تفعل مثل حكام عهود الخلافة العثمانية و البايات التي كان امراءها يقيمون المآوي و المصاح على حسابهم الخاص؟ هل في جمهورية ثالثة قادمة سنرى التخلي عن واجبات اخرى ؟
هل هناك علاقة بين هذه الظواهر التي تحتل جدراننا فيما بينها ؟
هل هناك علاقة بهذه الصورة التي ارسلت الى شخص اثر اصابته باسهال دموي في احد مواقع التصيف ؟



mercredi 31 janvier 2018

الجامع الكببر و مشاكل الصيانة (ج2) : ملاحظات عن ملابسات مقلقة تشمل ايضا عدة مجالات حضارية و مفهومية

الجامع الكببر و مشاكل الصيانة (ج2) : ملاحظات عن ملابسات مقلقة تشمل ايضا عدة مجالات حضارية و مفهومية

قلقنا من تواجد قطرات الدم في جامع ليس قلقا ذاتيا منبعه الخوف و لا فقط حيرة فكرية فيما يمكن ان يحدث في زمن يهون فيه الالم الانساني و الذات البشرية. بل له ما يبرره من الخشية على الجامع و على رواده و زواره و ايضا على بقية معالم و مباني المدينة، و ذلك قد يشمل ايضا السلوك المعماري ان صح التعبير مع الاسف رغم غرابته.
اذ نلاحظ في سياق هذه الظروف المقلقة عدة  ملاحظات و سلوكات غريبة:
* الرواد يتعمدون الشرب من سطل الماجل رغم وجود مشارب.
* بعض المستخدمين في الجامع يدعون الزوار، بما فيه سواح اوروبيون، الى الشرب بنفس الطريفة.
* في احدى الايام اقتربت عائلة صغيرة و شربت من السطل. بعد ذلك اقترب مني كهل و سالني: نحن من اليمن. هل يوجد ميضأة هنا؟  (لاحظ: في اليمن تنتشر الكوليرا. تنتقل اساسا بمياه الشرب).

* منذ سنوات لاحظنا وجود عمود رخامي جديد مخزن داخل بيت الصلاة. ثم ازداد عمود آخر منذ سنة. لماذا اثنين فقط و ما مصدر هذا الانفاق غير الضروري بشكله المحدود ذاك؟ لم الرخام الابيض الباهض؟. و لماذا لم يقع تركيب العمودين؟





* في بداية نوفمبر 2017 لاحظنا ظهور انخساف أو غور في ارضية نهج الجامع الكبير قرب زاوية الجدار في اتجاه الجنوب الشرقي. يظهر في شكل تشققات عميقة. قد يكون بسبب مرور عربة محملة، و لكن قد يكون خطرا اخر يهدد الجامع بالانهيار بعد سنوات عديدة بتغكك التربة تحته. وهي مشاكل تعالج في ميادين عديدة بحقن ملاط اسمنتي سائل في اطار برنامج صيانة محكم و شامل.



* قبل ذلك، منذ حوالي 2013 ، لاحظنا ان الملاط الذي يغلف الجدار هنالك في نفس المكان قد اقتلع و اصبخت الحجارة عارية. و تزداد المسألة غرابة اذا علمنا ان محلا لبيع الجوال يقع مدخله في نفس ذلك الجدار. من فعل ذلك و لماذا؟ الم يره الكاري؟ و لماذا لم يقع اصلاح ذلك طيلة الخمس سنوات اللاحقة؟





* في بداية 2018 لاحظنا ان التشقق المذكور اعلاه في الارضبة قد غطي بطريقة غير محكمة بلاسمنت. المحير هو لماذا تم التعامل مع هذا العيب بالذات فقط؟ من فعل ذلك؟ هل يكون يقصد اخفاء المشكل؟



* مسألة تقشير جدران المباني القديمة المتينة و الصالحة للسكن و الاستعمال ليست جديدة. في سنة 2009 وقع تقشير جدران مبنى اخر جميل و متين هو مبنى القباضة المالية في باب البحر بجوار مغازة مونوپري. مع العلم ان ذلك قد يكون الهدف منه بعد مرور الوقت الايهام بتقادم المباني و تداعيها للسقوط.
لاحظ: ليس هذا حالة معزولة. شاهدنا على الاقل 3 حالات اخرى. احدها ازيل فيه المبنى حاليا. وقبل ذلك بسنتين ازيلت الابواب و القيت كميات ردم و زبالة في الحديقة و اضرمت النار في المبنى فبدا متداعيا  و قديما. و لا نعرف من فعل هذا و هل يملك المكان الذي سدت حاليا كل منافذه.  في مثال اخر يخص مقرا سابقا لحزب حاكم بعد 2011 وقع ترك الردم على الجانبين بعد الشروع في هدم اعلى الجدار للايحاء بالتداعي. 
و قد ارتبط  كل ذلك بعدة تغييرات في القيم و العناصر المعمارية لا جمالية و لا فائدة فيها. و توحي بالرغبة في تسويق مواد اولية كاسدة بكميات اكبر تحت دعوى الموضة الجديدة و الفعالية. كما ان احد ابناء الجهة من المهتمين بالثقافة و الشان العام يقول: مهما كان الامر و السياقات لا تستطيع ان تنكر ان ازالة فيلا من الطراز المورسكي او حتى عمارة ذات 4 طوابق من سنة 70 يمكننا من اقامة مركب من 25 طابق فنربح مساحة. ولكننا نسأله: و ما العمل في مفعول التعلم السلبي لشبابنا الذي سيرانا نقبل الامر الواقع و ازالة الاصيل الذي يصلح لبناء الجديد المربح ؟ و ايضا: اذا زالت تلك القباضة فجاة و في غفلة منا من سيصدق بعد ذلك ادعاء الحكمة الفهم و اليقضة و الحزم لدينا ؟ ولكن ايضا: لماذا لا تستغل مبانينا الاثرية للتظاهرات الثقافية (عروض....) و الخيرية (ايام صحية....) التي تجري حاليا في الشارع و البرد ؟ لماذا، اذا انهارت فعلا فجأة و بفعل مجهول، لا نجعل المساحة المتوفرة حديقة او اي شيء آخر نافع للطبيعة و بهذا نتدارك ما فاتنا منذ التوسع العمراني و الاقتصادي غير المعقلن الذي بدأ في القرن العشرين (و فيه لا يتوقع احد ما يحصل و لم تقع فيه دراسات للمخاطر) و الذي يتحكم فيه البناؤون و يجعل اتجاه تطورنا يتمحور حول الاجر و و الاسمنت حصرا و لا مكان فيه لمصممي الحدائق و المنشآت الخيرية ؟ (علما ان تنظيم الانشطة في هذه المباني يمكن من تحصيل مداخيل تنفق على الصيانة الخ....).

من التغييرات المعمارية التي اشرنا اليها آنفا و نذكرها لإثارتها التساؤل اكثر من غيرها حول هاجس الجمالية و الصدقية لدينا:
-  ارتباط نشأة التوجه "البيئي" في اعلامنا و معمارنا المنظم بوصفات او نصائح غير دقيقة. مثلا: نصح المستمعين بغراسة سياج من الزعتر لمقاومة البعوض؛ بناء طوارات حول المنزل للوقاية من 'الندى'. (العكس هو الصحيح).
- استعمال صفائح معدنية لتزويق المباني و المحلات بدل اعادة تلييقها و دهنها.
- استعمال الهواء المضغوط (كمپرسور) لدهان الابواب (بالتالي تلويث الهواء و تبديد كميات اكبر من الدهن).
- هناك جهة ما تفرض على المواطنين انفاق مدخراتهم في اقامة سياج اسمنتي لاراضيهم و لا تهتم بفرض عدم تكديس فضلات الحدائق والمنازل فيها. طبعا كل يبني سياجه على طراز خلص به غير موحد و ليس بالضرورة سيدهنه. و نحن نعلم ان توحيد الطراز شرط للجمالية في حال كثرة العناصر المكونة لمنظر ما. مثلا قرية سيدي بوسعيد 
- استعمال صفائح من الطولة للاحاطة بالمباني غير المستعملة في حين تبقى الابواب مفتوحة و تصبح مزابل (مثلا عمارة قدام نزل في باب البحر و القباضة) و ايضا احاطة المنازل  غير المسيجة في الانهج الجديدة، و ايضا حضائر بناء منتهية او جارية بلا موجب.  وفي مرة واحدة على الاقل استعمل الصفيح في ترميم سقف محل قديم. كل ذلك غير مسبوق و به تتحول المدينة الى حي قصديري.
- استعمال طبقة من المشمع او البلاستيك بين الاساسات و بقية البناء سواء في الجدران او غيرها. و في احدى المرات انهار الجدار بفعل الرياح بسبب عدم ترابطه.
- زيادة حجم المساحة المغطاة في المنازل القديمة و الجديدة باضافة ما سمي ' بطحاية' و طوارات تغرس فيهاالنباتات بدل الحديقة . و النتيجة ارتفاع حرارة المنزل و زيادة الرطوبة  في المبنى. و الحل  سريع موجود: اعلانات عن امكانية شراء مكيفات اضافية رخيصة ، و ربما قريبا نجد في السوق اقراص نشربها مع القهوة تخفض حرارة الجسم في الصيف و الة تخفض الرطوبة من المبنى !!
- غراسة اشجار دائمة الخضرة في الحديقة من طرف المقاول غالبا، بدل اشجارنا الموسمية الخضرة. و النتيجة مزيد من التكلفة (فالتين و العنب و الرمان يمكن غراسته في شكل اغصان و لو بلاجذور في البداية، تحصل عليها من اي شخص له هذه الاشجار) و كثرة الفضلات الحديقية بسبب النمو المتواصل، و تغيير استقطاب قطاع الحدائق و الغراسات.
- كثرة توارد ظاهرة اللجوء الى هدم بعض الاجزاء في الجدران و التقسيمات الداخلية للمنزل في طور البناء فتتراكم كميات ضخمة من الاجر المكسر و الردم امام الحضيرة، مع كثرة الضجيج المتواصل. متثبت من هتا.

و المقلق هو حصول ظواهر و تصرفات غريبة مضرة احيانا حتى بصحة البشر نذكر فقط بعضها لضيق المجال:
- منذ 2013 على الاقل، نلاحظ مرارا نزول مياه برتقالية اللون من الحنفيات في المنازل في الاحياء الشعبية (ولم تتوفر لنا امكانية الدخول الآمن للاحياء الراقية للسؤال و المقارنة). وخلال وقت قصير يترسب في قاع الانية المعبأة ماء مادة حمراء طينية و ترايية تدل على ان السبب هو تسرب التربة الى القنوات عند تصليح الاعطاب. و بالفعل لاحظنا تزامن الظاهرة مع مثل هه الاشغال، و كثرة هذه الاعطاب و ايضا لاحظنا استعمال آليات الحفر في التصليح بدل العمال بحيث لا يمكن تفادي تكسير القنوات، ثم لا يتم تنظيف القنوات من المياه الملوثة بالتربة قبل تركيب الوصلات. علما ان اغلب المواطنين من مستويات مختلفة يعتمدون على الحنفية للشرب لانعدام المواجل لديهم اما بسبب ضعف المداخيل او ضعف الذاكرة الثقافية لديهم. 
- ايضا منذ 2014 تقريبا نلاحظ  تغييرا في نوعية المَحافظ المعروضة للبيع و المستعملة من طرف التلاميذ الصغار لحمل كتبهم و لوازمهم المدرسية. زيادة على استعمال المواد الصناعية في صنعها بدلا من الجلد (  من هنا احتداد ازمة الفضلات الجلدية و البلاستيكية و استنزاف العملة الصعبة و اهدار المادة الاولية ) لاحظنا ان التلاميذ و اولياءهم يشترون غالبا محفظة كبيرة يضعون فيها كل لوازم التلميذ مرة واحدة بلا سبب. و النتيجة: ارهاق التلميذ و حصول تشوهات عظمية له؛ عم تعود الكفل على تنظيم محفظته يوميا ؛ تمزق الادوات ؛ المشهد المضحك لمجموعات التلاميذ و هم يجرون محافظهم ذات العجلات على الطريق و حتى في المسافة بين عتبة الروضة و السيارة، و عند عبور المعبد بين السيارات مما يتسبب في الضجيج و يعرض مستعملي الطريق للخطر. [علما و ان انتشار هذه المحافظ و الاقبال لديها على نطاق واسع و عموم طريقة حملها و حمل كل الكتب فيها....الخ ، تدل على ارشاد سيء ناتج عن شدة قابلية الاولياء للتأثر ، و هو امر متوقع في ظل التراجع الاقتصادي و الحقوقي. ]
- لاحظنا اهتمام البلاد بالانفاق على هيئات غريب تواردها و تخصصها آخرها هيئة مكافحة الاتجار في الاشخاص و التي يشير وزير العدل بالحاح انها لبنة جديدة في منضومة حقوق الانسان التونسية المتكاملة. و نحن نتساءل هل نرى مستقبلا تركيز هيئة واحدة لملاحظة ما اشرنا إليه في هذا المقال؟
- لاحظنا تطورات مقلقة على مستوى مفهوم المجتمع المدني . فقد ظهر هذا المفهوم لدينا على مستوى الشأن العام العملي في اواخر الثمانينات ليشير الى مجتمع او سكان بلد معين يتمسكون بالقواعد و العناصر المدنية في عيشهم و سياستهم. مثلا : رفض اتخاذ لباس موحد للسكان ؛ رفض وصاية فرد على المجموعة بغير ارادتها؛ رفض سيطرة العسكريين على الحكم ؛ رفض الصياغة غير البشرية للقوانين؛ ....الخ  و الاهم من كل ذلك في مفهوم المجتمع المدني ان المقصود به هو مجموع الافراد الذين يسكنون البلاد ، و بهذا تكون اضافة صفة المدني فقط لهدف تعليمي للتنصيص على انه يكافح ضد حكومة او فكرة غير مدنية او عسكرية او ذات توجه قتالي او مذهب متعصب. (و بهذا يكون بالامكان اعتبار الحكومات و المنظمات و الاحزاب جزءا من المجتمع المدني اذا كانت تدافع عنه. و لا يمكن ذلك من باب التوقي -وهو مبدأ رائج في تونس مثلا ، من ذلك حل البلديات قبل الانتخابات- اذا سبق لها المشاركة في الحكم و المرور بفترات او اعمال دكتاتورية). لكن مع الاسف نلاحظ مؤخرا امرين مقلقين: 
× اذا سمعنا عن حوار جهة رسمية مع المجتمع المدني اكتشفنا فورا ان ذلك يعني المنظمات و الجمعيات و بالتالي يكون المشاركون من المنتمين لها دون من يكون له اهتمام سابق بالموضوع من السكان و الاساتذة المختصين غير المنتمين للجمعيات . و غالبا يكونون حصريا شبابا من حيث العمر.
× قواعد تنظيم المؤسسات المدنية تناقض قواعد تنظيم الهياكل الدكتاتورية و الوحدات العسكرية و رغم ذلك نلاحظ عدم الالتزام بها ، نعني: الانتداب الاجتماعي ؛ حرية الترشح لمناصب المسؤولية ؛ العمل اليومي في فترات السلم اساسا ؛ تنظيم اجتماعات عامة و عمومية ؛ تنظيم برامج محددة وفق اسبر للاراء....

ماذا يجري خلال هذا الوضع؟ لا شيئ. أو لا شيئ يتصف بالطرافة و الجدبة و الاحكام و هذا منتظر لدى من لا تحركه لا اوتار الاحكام الهندسي و لا العادة الثقافية و لا المشاهد الاصيلة و لا حتى الاخطار الداهمة و الحالات الاستعجالية. لكن يمكن ان نذكر هنا سريعا موضوعا يرد اكثر من غيره في الاخبار: الانتخابات البلدية. فقد اعلن في جانفي ان هيئة الانتخابات ستنتدب  52 الف عون للهيئة + 5 الاف عون مراقبة (كان يمكن توفير اجورهم لخدمة امور اخطر باستعمال المهتمين بالشان العام)  و سبكونون من المختصين في الاعلام و القانون و المالية (بينما قواعد الجمهورية و الديمقراطية لا تشترط تخصصا ايا كان بل فقط المواطنة و  الرغبة في المشاركة، و ليس حعلها مصدرا للكسب) و سيقع تكوينهم من طرف الهيئة (و هنا نتساءل عن مراقب لايعرف كيف يراقب و لا يخصص اراديا و قتا للمهارة في المراقبة. اليس ذلك خروجا عن مبدأ المشاركة المواطنية و الحرية في زمن الانتخابات و اعتماد  مبدأ التقني و التوجيه و الارشاد)
كما ان الاطراف المعنية تخلت عن الفقراء الذين يمكن ان يحتاجوا اكثر من غيرهم للحراك البلدي، و بالغت في ذلك الى حد ارتكاب 'خطأ مهني ' بالسكوت عن المنظمين و المسيرين و المراقبين بمقابل الذين كثيرا فيما بعد يتظاهرون للمطالبة بالانتداب الدائم !! مما يخلق عبئا ماليا كان يمكن انفاقه على حضائر تتراوح بين صيانة المعالم و صون الامن الصحي و الثقافي للبلاد. و هنا تتساءل: هل نشاط الانتخابات مثل غيره ايضا لحل مشكل البطالة و كساد الحواسيب؟
تحياتي. 

mercredi 17 janvier 2018

الجامع الكبير في صفاقس مهدد بمخاطر قد لا يتفطن له احد: تأملات حول تعاملنا مع الوضع

الجامع الكبير في صفاقس مهدد بمخاطر قد لا يتفطن له احد: تأملات حول تعاملنا مع الوضع

(مع الاسف ارفاق الصور غير ممكن سننجزه لاحقا)
الجامع الكبير مع الأسف ممزق مثل المدينة ككل وأفضل مكوناتها و ابنائها في الحاضر و الماضي بين كبار المآثر و عظائم المشاكل؛ فلئن كان اسلافنا واجدادنا حتى وقت قريب لا يعرفون بالضرورة عن وعي القيمة العملية للخيارات الجمالية و الهندسية و المادية التي اتخذوها ولم يملكوا الثروة اللازمة لتكثيرها و بالتالي فاتهم تعميمها (و تطويرها في نفس اتجاه خصوصيتها الثقافية) ، فإننا نحن المعاصرون الآن منذ الستينات (مع الاسف ليس قبلها تماما و لم يوجد ناقد هيكلي لهذا)  وفي هذاالقرن الواحد و العشرين (الذي اصطنعنا له كل معارف ووعود العبقرية و القوة) لئن امتلكنا المعرفة و القوة و الرفاهية التي تمكننا من تحقيق ذلك فإننا تخلينا عن هذه الفرصة و تخلينا بالتالي عن قيمنا الجمالية و الهندسية و الصناعية في مجال المعمار لأسباب واهية تدور غالبا حول ارتباطها بعهود الفقر و بالاحساس بالعوز !! (نفس الذهنية جعلتنا نتخلى في كل مكان تقريبا عن خيارات اخرى منها التغليف الورقي لفائدة البلاستيك مما انتج ليس فقط المزابل المنزلية في الطرقات بل ايضا التشوهات العلمية في اذهان هندسيينا نسجا على المثال السيئ السائد و المربح!!)
طبعا المشكل يزداد تعقيدا مثلما تزداد الزهور تفتحا مع الوقت. أجدادنا اختاروا الحجارة للبناء وهي امتن مواد البناء و بالتالي قد يكونون لم يفكروا في تخطيط منهجي للصيانة. و لكن مرور الزمان لا يعفينا نحن منه طلبا للسلامة و المحافظة على المعالم. وان وعينا ذلك هل أمكننا فعله؟ هل حددنا اولويات الانفاق و تركنا إحداث الانشاءات الساذجة (نوافير، موجة تماثيل، امواج تكوين حول ..الاسقصاء !!!...) لفائدة صيانة الانشاءات القائمة ؟ تحدثنا عن الجامع لكثرة رواده و خطورة حالته، و لكن مقر البلدية نفسه تتداعى اللوحات التشكيلية التاريخية في اسقفه و تتساقط قطع القرمود الاخضر في سقفه و يأكل الماء المتسرب من القنوات الجدران في ردهاته الداخلية في حين تنفق البلدية على اعمال تتراوح بين شراء و تركيب لوحات للانهج و مد قنوات تطهير للمركبات السكنية الخاصة. ولكن حتى ان بقينا في مستوى الجوامع: سقف الجامع الكبير تتوقف فيه الاشغال و في نفس الوقت هناك مساع لاقتناء الاف الامتار من .. البلاط! لتبديل بلاط ارضية جامع اللخمي بلا موجب.


هذه تأملات اولية عن معلم اثري من أوائل المنشآت المعمارية ذات القيمة الدينية و التاريخية والفنية في البلاد، نرجو ان نتمكن مستقبلا من التطرق لكل المشاكل التي يتعرض لها و تفصيلها و تعداد الحلول الممكنة.
هذه اذن صور أولية عن براعة و ديمومة معمار العصر القديم و الحالة الراهنة للمبنى و هي تدلنا اننا لسنا شعبا جاهلا بل شعب كثير فقدان الذاكرة. كما اننا نسينا ان علينا تأسيس اجهزة في ادارتنا للمتابعة تتداول على التثبت و حسن اختيار المواد و المسيرين دون الاضرار بسير العمل و جودة اداء المالية و الملاكات. [التفسير يلي الصورة]



نلاحظ تشققات في السقف في عدة مواضع. بعضها عولج من الداخل ببعض الجير وذلك لا ينفع و رديء جماليا. هل ان التشقق ناتج عن تقادم الجامع فقط ؟





لاحظنا ايضا تكسُّرا في قمة عدة اعمدة. هنا يتضح المشكل: هناك عبء ثقل اضافي عليها تسبب في الكسر. و الكسر يبدو غير متآكل ايضا مما يزيح عامل تقادم العمود. كما ان عدم تكسر اعمدة مجاورة يجعلنا نتأمل.







نلاحظ ايضا في عدة مواضع ... ان تاج العمود (الجزء المزخرف و المنقوش في الاعلى) لا يرتكز على قمة العمود مباشرة بل بينهما قاعدة مكونة من ألواح خشبية ، و الملاحظ انها من المستبعد ان تكون مشدودة الى بعضها البعض و الاهم انه تبدو على الخشب بوضوح علامات التسوس. و بالتحديد اغلب الاعمدة السليمة هي من ذات الالواح. و هذا يفسر الامر: الخشب تسوس فاصبح السقف هنا غير مرتكز على هذا العمود فزاد الضغط على العمود المجاور فتكسر. (كدليل على شدة احتمال دور القواعد الخشبية في التداعي و كسر الاعمدة، نلاحظ ان الجانب الجنوبي-الغربي من بيت الصلاة لا توجد فيه هذه المشاكل اي رؤوس الاعمد المكسرة (ابدا) و التشققات (قليلة جدا بالمقارنة) و هنا نلاحظ بالتحدبد انعدام تلك القواعد في الاعمدة. 
و ما يجري مع الاسف هو مساعي الترميم لا تدل على الوعي بهذا .





مع أن هذا  ظاهر للعيان. هنا مثلا على يمين المحراب صف من الاعمدة الثلاثية كلها ذات قواعد خشبية تحت التاج، و هنا نجد بالفعل عدة شقوق و كسور في الاعمدة و السقف. 





ايضا ثقل السقف نتج عنه تكسر بعض الاعمدة الى قسمين.







ايضا جامع النوري... بعض صفوف الاحجار المكونة للواجهة ،و بالتحديد جوانب الباب تحت الاسكفة، تتداعى للسقوط للامام. هنا الوضع مشابه فيما يتعلق بعدم فهم اسباب التداعي الفعلية،  و هي خارجية، و ارجاعها الى اسباب اخرى تتعلق بالبناء نفسه تتطلب اشغالا اكبر تؤخر الانجاز، و تبقي عوامل التداعي قيد الفعل.






انظر هنا. هناك في النهج قدام الباب غور أو انخفاض او انخساف في الارضية او التربة. السبب ناتج عن الزمن و طبيعة التربة الكلسية التي تذوب بفعل الامطار. كما ان وجود بئر او حفرة مياه مستعملة تحت تلك الواجهة المتداعية يعقد المشكل.  ان سلامة بقيةالواجهة نسبيا تؤكد ملاحظتتا.



ملاحظة. يوم الخميس 18 جانفي مررت بالجامع بعد الزوال لالتقاط بعض صور عن عناصر من الماضي تدل على الذكاء الهندسي للناس في زمن مضى ، (رغم عثرة استعمال الخشب عند نصب الاعمدة). وجدت قطرات دم في البهو العاري تحديدا قرب الباب الشمالي و كأن احد الراد جرح و خرج من هناك.  فيما يلي صورة لذلك تليها صوؤة ساعة شمسية و صورة عين الماء الحلوة بجانبها احةاض ماء او براميل محفورة في الصخر الرخامي القديم. (حاليا منتوج بلادنا منه يذهب لإدامة منازل الغير. أما مصدر الدم فقد ينبئنا بجزء من مصدر عثرات معالمنا و من يسعى للاصلاح فيها.)



نختم بصورة العين.







اراؤكم تنير طريقنا و تطرق ابواب النور لمدينتنا.