مستويات النظر في مسألة الفضلات بهدف التصرف و المعالجة: ملاحظات أولية حول المشكل و عوامل تكونه
1* مشكل التغليف من أهم عوامل عدم امكان التصرف العادي المنزلي و السريع في الفضلات:
حصول تغييرات في تقنية التغليف و التعليب بسبب الدعاية و المنافسة
تم تغيير مواد التغليف باعتماد شبه كامل على البلاستيك على حساب الورق
بروز بضائع جديدة معلبة مثلا المياه و اللحوم المعدة مباشرة للطبخ
تقديم البضائع و خاصة المواد الغذائية في أحجام صغيرة و كميات فردية (مثلا بدل شراء لتر حليب شراء 5علب مقسمة جاهزة للاستهلاك).
2* لماذا تتكوّن الفضلات بكميات كبيرة في فترات قصيرة؟ :
- عملية صنع البضائع تتمثل في تجميع مواد اولية من مصادر متفرقة بكميات ضخمة في مقر المصنع لتصنيعها.
- في كثير من الاحيان يكون حجم الغلاف اكبر من حجم المادة المغلفة.
- توزيع البضائع على المتاجر للبيع ثم انتقالها بالشراء الى منازل المستهلكين هو بمثابة عملية نثر لبقايا هذه البضائع و مغلفاتها على مساحة المدينة الشاسعة.
- مع انتهاء عملية التصنيع/ التجارة و حصول الفائدة و الربح لمتدخلين اقتصاديين خواص ، يقع عبء التعامل مع الفضلات ، و بدون مبرر ، على الدولة و البلديات، و لا يفكر احد في مشاركة المنتفعين بالبحث او التمويل.
3 * أسباب تراكم الفضلات في الشوارع و بعض الأملاك الخاصة:
- عدم انتظام الرفع.
- بعد 2013 انتشرت على نطاق واسع ظاهرة منظمة (كانت موجودة على نطاقات ضيقة احيانا خطيرة في 1985 و في 1998 (و ذات علاقة بقوى قوية تخشاها الجماعات الضعيفة و الافراد (بدليل رفض التشكي و صنع مسارات وهمية الخ )، هي رمي الفضلات في املاك الغير من طرف عناصر منظمة و مريبة. (لاحظ ان الفضلات ظهرت ايضا في الحملة الرئاسية في شكل لوحات اشهارية ضخمة مجهولة المصدر!!!!! وفي الاعلام النقابي في شكل اكياس ترمى على مقر النقابة. )
- بمرور مدة طويلة على هذه الظاهرة دون كشفها قد يكون هناك عدم جدية في الرقابة.
- جهل اصحاب الحدائق بجدوى فضلات الاشجار و الاعشاب كسماد ضروري لاشجارهم تتعرض بدونه للتلف. لهذا يسمحون لعمال الحدائق بجمع الاوراق اليابسة و غيها من البفايا النباتية التي تتحلل تلقائيا في التربة ، و القائها في الحاويات...مما يزيد من حجم الفضلات.
- طمع بعض المتدخلين في مجال تنظيف الحدائق في تحقيق زيادة في ايام العمل من خلال القيام بتجميع ونقل منتجات حديقية لم تكن تجمع سابقا (لانها ليست من قبيل الفضلات و ليست ضارة) بدل ردمها في الحديقة او اهمالها على حالها: الثمار المتساقطة، اغصان التشذيب، نوى ثمار الاعوام الماضية، الاوراق اليابسة، الحصى، التراب الاحمر اللون يتم تعويضه بتراب الواد في تغرير واضح بالمشغل..
- في كثير من الاحيان تتطلب اعمال رفع الفضلات تكاليفا اكبر من المتوقع من حيث ساعات العمل وعدد العمال او آلات الرفع بسبب ملابسات معقدة من نوع وجود الفضلات في مبان مسيجة غير مأهولة او طمر بعضها اثناء الرفع ...الخ ،ولا بد من بحث جدي في اسباب ذلك.
4 * الفضلات مشكل لا ينتهي بالتجميع:
- تتكون الفضلات يوميا و تتزايد بنفس نسق الاستهلاك.
- جزء كبير من الفضلات يتزايد باطراد رغم ان له استعمالا غيرضروري: الاجزاء الخارجية للغلاف الحامل للاشهار، المعلقات الاشهاريةالمتعددة،.....
- بعد التجميع يُطرح مشكل التخزين اي المصبات .
- عند تكون كميات ضخمة يطرح مشكل التخلص من الفضلات بطريقة تتجاوز حل الاخفاء عن الاعين الى حل إعدامها او تحويلها.
5 * حلول جذرية للتخلص من الفضلات:
- فضلات المصانع: تقوم المصانع الصغرى خاصة بالقاء فضلات التصنيع. يجب...اهذا اما فرض تكفل الصانع بفضلاته ،و اما تحديد مساهمة تدفع للبلدية او لوكالة خاصة حسب وزن الفضلات و تخصص لرفع الفضلات الصناعية و الحرفية.
- الفضلات المنزلية اصعب في الرفع و اازعالجة ظاهريا في العصر الحديث.رغم ان ربات البيوت النشيطات في الماضي كن يستعملنها بسهولة لتسميد الجنان او الحديقة التي تنتج الخضر و الغلال بمجرد ردمها. في ظروفنا الحالية، يجب بعث وكالات صناعية لتحويل الفضلات العضوية الى سماد او مصادر للطاقة او لصنع الورق..الخ، و تحويل الفصلات الصناعية الى مواد اولية جديدة.
- ضرورة انخراط الصناعيين في آلية للبحث و التجريب في ميدان التصرف في فضلات تعليب و تغليف بضائعهم. إذ أن المفتاح الوحيد لكسر نسق تزايد الفضلات مع توالي عملية التصنيع و الانتاج و الاستهلاك هو ان تصبح البقايا او الفضلات هي نفسها مصدر المادة الاولية سواء للتغليف او لبضائع اخرى. مثلا تحويل المود العضوية لمواد فلاحية و تحويل البلاستيك المجمع الى الواح تعوض الخشب و الحديد في بعض الاستعمالات التي يكتشفها البحث الهندسي.الخ.و هئا موضوع يطول الحديث فيه.
- انشاء مظومة لفرز الفضلات النزلية و الصناعية في المصدر اي في المنزل و المصنع:
° حاويات للفضلات العضوية: بقايا الاكل و الغلال و الخضر الفاسدة
° حاويات للمواد المصنعة النظيفة: قوارير الماء، مغلفات الادوية، علب و معادن قدبمة نظيفة، علب اليوغرت اذا تم غسلها....
° حاويات للمواد المصنعة المتسخة، التي تتطلب التنظيف قبل الرسكلة.
ويمكن بعد التجربة اما زيادة عدد اصناف الحاويات (حاوية للمواد الكيمياوية مثل البطاريات و الادوية و بقايا مواد الدهن...) او تنقيصها (حذف حاوية المواد النظيفة لعدم اهتمام المشاركين).،
- يجب أن يحل القطاع العام في اشغال التصرف في الفضلات محل العناصر غير الكفؤة من القطاع الخاص و التي تتهاون في آجال و نوعية المعالجة.
6 * بعض مظاهر اللاعقلانية في التعامل مع مسألة الفضلات:
- حصول تحولات في تقنيات و عادات البناء و العمران ادخل تغييرات كاملة على العادات المنزلية تحول دون تواصل الحلول القديمة : اتستعمال الفضلات العضوية كسماد للحدائق و الفلاحة.... اي ان الرجل البارع في مختلف مجالات الحياة المعاصرة، و المرأة المتفتحة المتحررة يعتبران من الانفع لهما و الاجدر بمركزهما ان يقضوا اوقاتا طةيلة في مشاهدة المسلسلات و الاغاني أو الدردشة مع الاصدقاء ، و ليس من دورهما الاهتمام بايجاد حل سريع للفضلات التي تهدد محيط المسكن و البلاد.
كان بالامكان للتغلب على هذه المعضلة التفكير مسبقا في ايجاد استعمالات صناعية لعديد الفضلات التي كانت في الماضي القريب (السبعينات...) تستعمل اما كمواد غذائية (امعاء و عظام الاغنام...) او منزلية (الحطب، الاعشاب، فضلات الحدائق، صوف الاغنام...) او مواد اولية حرفية (الجلود، المعادن القديمة او الناتجة عن صناعات كبرى..) او او اسمدة فلاحية (فضلات الاطعمة و تربية الاغنام و الصناعات الغذائية العائلية...).
- بما ان تجميع و تكديس الفضلات يكون في مصبات خارج مناطق السكن، و بما ان السكن يأخذ حيزا معينا من البيئة ( و يكون مع الاسف غالبا من افضل الاراضي ذات الاستقرار البشري الاقتصادي الاقدم، اي إما الفلاحية او الطبيعية ذات الغطاء النباتي و ليس الاراضي القاحلة الخالية اصلا من الغطاء النباتي) ، فإن هذا يجعل الطبيعة تحت طائلة تهديد مزدوج ، نتيجته ان الكرة الاضية ستصبح يوما ما مقسمة الى قسمين: مجموعة من اكداس الفضلات (المصبات) ترتع بينها الحشرات و القوارض، و مجموعة من اكوام الاسمنت المسلح (المباني السكنية و الطرقات) يعيش فيها البشر.
- أن العديد من الدراسات تناولت خطر تعرض البشرية للزوال نتيجة للمشاكل التكنولوجية كالحرب و الحوادث النوويةالخ.ولكن مشكل الفضلات هوايضا مشكل خطير وتكنولوجي في احد جوانبه ولكن لم تتنبه الدراسات الى خطر تحوله الى تهديد جدي للحضارة البشرية. انه تهديد قائم نظريا. خاصة فيما يتعلق بالفضلات الملقاة في البحار، حيث بتعفنها و تعفن هذه المساحات العملاقة ( 70٪ من مساحة الارض، و من حيث حجم المادة الحية اكثر بذلك بكثير) يمكن ان تنتج سحب عملاق من غازات خانقة مثل الميثان تشكل خطرا على البشرية. كما ان رمي الفضلات في البحار يؤدي الى تكاثر و تعفن الطحالب مما ينتج عنه غازات سامة ولو بكميات قليلة مثل غاز H²S و قد حدثت حوادث من هذا النوع في فرنسا. و لا يجب ان ننسى ان قصر نظرنا يجعلنا نعتبر المصبات البرية البعيدة و البحار مجرد فضاءات غريبة و مساحات يمكن تخزين فضلاتنا فيها ، و لكن خاصة البحار ،هي كتل بيولوجية حية من مادة حية ، و ماءالبحر نفسه هو بيئة حية فيها كائنات حية تشكل جزءا كبيرا من وزنه، و يحتوي على كميات كبيرة من المادة العضوية و الكائنات الحية التي تعيش فيه و منه. فإذا تعفنت هذه البيئات و تعفنت بالتالي المواد العضوية و الكائنات الحية التي بها نتج عن ذلك خطر على اماكن الاستقرار البشري على ثلاث مستويات:
° تكون سحب متنقلة من الغازات غير الصالحة للتنفس او السامة، نتيجة موت و تحلل الكائنات الحية...
° اندثار انواع نباتية و حيوانية نافعة نتبجة خلل التوازن البيئي او الطبيعي.
° تكاثر انواع اخرى مضرة نتيجة خلل التوازن السابق، مما يؤدي الى اقترابها من مواقع الاستقرار البشري..
- الفضلات تتكون غالبا ضمن صيرورة ربحية، و دائما في علاقة بالفئات الاكثر اندماجا و موارد اقتصادية، و لكن ازالتها يفع تصوره في شكل صيرورة تستنزف الموارد المالية و التقنية العمومية.
- بما ان الفضلات الصناعية و غير المنزلية تكون اكثر غالبا و لها الاولوية في الرفع (عكس المطلوب)، فإن ذلك يعني ان العناصر الاقتصادية و ذات الدخل القار تستفيد من منظومة النظافة اكثر من العناصر غير الاقتصادية التي لا دخل لها او غير ربحية (المساكن العائلية، المبيتات الطلابية....) و العناصر المحتاجة للاحاطة في مختلف مجالات العمل البلدي (الفقراء، المتشردون....).
- الفضلات تتكون في مكان معين ثم ترفع و تكدس في مكان اخر مما يضعها في جوار مناطق عمرانية و طبيعية لم تساهم في انتاجها. وفي هذا جانب كبير من الحيف يضاف الى الجانب السابقة مما يسمح بالحديث عن مطلب العدالة في التعامل مع المسائل البلدية و البيئية.
إن هذه المسألة في نظرنا هي لب الموضوع. إن أنسنة الحياة الاجتماعية و عقلنتها و تجذير منزلة الانسانية فيها من خلال احترام التوازنات (الطبيعي و الاخلاقي و الاقتصادي) هي المفتاح المفقود.